حان وقت خفض الفائدة .. هل يختار الفيدرالي البدء بوتيرة 0.25% أم 0.5%؟
أصبح من المحتمل على نطاق واسع الآن بدء الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة في اجتماع الأسبوع المقبل الذي سيعقد على مدار يومي السابع عشر والثامن عشر من سبتمبر، وهي المرة الأولى التي سيخفض فيها تكاليف الاقتراض منذ عام 2020.
لكن يواجه صناع السياسة خيارًا صعبًا يتعلق بمدى سرعة تخفيف السياسة النقدية، وأمامهم خياران إما البدء بالخفض بوتيرة معتدلة 25 نقطة أساس أو أن تكون البداية قوية بمقدار 50 نقطة أساس.
أبقى رئيس البنك "جيروم باول" كافة الخيارات متاحة على الطاولة، عندما صرح في ندوة "جاكسون هول" التي عقدت في أغسطس، قائلاً: حان الوقت لتعديل السياسة النقدية، لكن توقيت ووتيرة الخفض ستعتمد على البيانات والتوقعات وتوازن المخاطر.
ذلك بعدما شدد البنك المركزي في الفترة ما بين أوائل 2022 ومنتصف 2023 سياسته النقدية بأسرع وتيرة منذ أوئل ثمانينيات القرن العشرين لمواجهة التضخم، لتقفز الفائدة من مدى 0-0.25% إلى 5.25% - 5.5% وهو المستوى الأعلى في 23 عامًا، وثبته عند ذلك على مدار الأربعة عشر شهرًا الماضية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
يتبقى أمام الاحتياطي الفيدرالي ثلاثة اجتماعات للسياسة النقدية فقط هذا العام: اجتماع سبتمبر في الأسبوع القادم، واجتماع نوفمبر، والأخير في ديسمبر.
ومن المقرر أن تظهر التوقعات الاقتصادية الفصلية التي ستصدر في اجتماع سبتمبر عدد مرات خفض الفائدة التي يتوقعها المسؤولين هذا العام، وربما تعادل أهمية تلك التقديرات قرار الخفض نفسه، لأن الأسواق تتوقع التحرك بأكثر من 100 نقطة أساس في 2024.
حان وقت خفض الفائدة
أصبح مسؤولو البنك مقتنعين بضرورة خفض الفائدة بدعم من بيانات الوظائف والتضخم، وتركيزهم على منع الضرر الاقتصادي غير المبرر الذي ينتج عن الإبقاء على تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة أطول من اللازم.
وأظهر أحدث تقرير شهري تباطؤ نمو الوظائف لكنه أشار أيضًا إلى انخفاض البطالة وارتفاع الأجور، وأوضحت البيانات هذا الأسبوع تراجع ضغوط الأسعار.
قال "كريستوفر والر" المسؤول لدى الفيدرالي خلال خطاب ألقاه بجامعة "نوتردام" أن الوقت قد حان للبدء في خفض الفائدة ولكن بحذر، مشيرًا إلى إمكانية التحرك بقوة فقط إذا كانت البيانات تتطلب ذلك.
كذلك ذكر "جون ويليامز" رئيس الفيدرالي في نيويورك أن التضخم ينخفض بشكل مستدام نحو هدف البنك البالغ 2% وحان الوقت الآن لخفض الفائدة.
البداية بوتيرة معتدلة
عادة يفضل الفيدرالي التحرك بمقدار 0.25% أو 25 نقطة أساس لأن التعديلات الصغيرة في السياسة النقدية توفر المزيد من الوقت لدراسة تأثير التغيرات على الاقتصاد، وهو ما أيدته "إستر جورج" رئيسة الفيدرالي في كانساس من 2011 وحتى العام الماضي قائلة: 25 نقطة أمر سهل في البداية.
حسب تقديرات أداة "سي إم إي فيد واتش"، فهناك احتمالية بنسبة 45% خفض الفائدة 50 نقطة أساس، وتراجع احتمال التحرك بمقدار 25 نقطة أساس عند 55%.
ذكرت وكالة "فيتش" في مذكرة أن دورة تخفيف الفائدة التي يعتزم الفيدرالي تنفيذها ستكون معتدلة بالمعايير التاريخية عندما يبدأ خفض الفائدة هذا الشهر، وتتوقع خفضها 25 نقطة أساس في كل من اجتماعي سبتمبر وديسمبر، ثم بمقدار 125 نقطة أساس في 2025، و75 نقطة أساس في 2026.
وأوضحت وكالة التصنيف الائتماني أن أحد الأسباب التي تجعلها تتوقع استمرار خفض الفائدة بوتيرة معتدلة نسبيًا هو أنه لا يزال هناك عمل يتعين القيام به بشأن التضخم، لأنه لا يزال أعلى من مستهدف الفيدرالي البالغ 2%.
إلى جانب أن التحرك بوتيرة أكبر في اجتماع سبتمبر قد تدفع الأسواق للاعتقاد خطأً بأن البنك يخطط للخفض بوتيرة مماثلة في اجتماعي نوفمبر وديسمبر.
الخيار الأكبر
يتجه البنك عادة لخفض الفائدة بوتيرة أكبر عندما تظهر الأسواق المالية علامات إنذار أكثر وضوحًا بشأن الرؤية الاقتصادية، كما حدث في بداية 2021، وخلال 2007 في بداية الأزمة المالية العالمية.
سيسمح الخفض بمقدار 0.5% أو 50 نقطة أساس في سبتمبر للفيدرالي بإعادة تكاليف الاقتراض لمستويات طبيعية بسرعة أكبر، وإزال القيود أمام الاقتصاد وحماية سوق العمل من المزيد من الضعف.
ويدعم الخبير الاقتصادي "جوزيف ستيجليتز" الحائز على جائزة "نوبل" خفض الفيدرالي الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماعه المقبل.
بينما ذكرت "جينيفر لي" الخبيرة الاقتصادية البارزة لدى "بي إم أو كابيتال ماركتس" لـ "ياهو فاينانس": خفض الفائدة 50 نقطة أساس من شأنه إثارة الذعر .
في حين يرى "مايكل يوشيكامي" المدير التنفيذي لشركة "ديستينيشن ويلث مانجمنت" أن الخفض الأكبر من شأنه إثبات أن الفيدرالي مستعدًا للتحرك دون الإشارة إلى مخاوف من حدوث تباطؤ أوسع نطاقًا، وسيعتبر علامة إيجابية على أن البنك يفعل ما هو مطلوب لدعم نمو الوظائف، لذا لن أتفاجأ إذا خفضها 50 نقطة أساس.
جانب آخر
ذكر "دونالد كون" نائب الرئيس السابق للفيدرالي أنه حتى إذا اختار البنك التحرك بوتيرة أبطأ في الأسبوع المقبل فيمكنه تعديل سياسته سريعًا، مضيفًا: لديهم الفرصة للتعويض إذا انتظروا لفترة طويلة من خلال السرعة التي يخفضون بها والطريقة التي سيشيرون بها إلى التخفيضات المستقبلية.
إلى جانب أن التخفيض الأعمق من المتوقع للفائدة قد يخاطر برد فعل سياسي، إذ حذر المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" من قبل البنك من أي تخفيض في سبتمبر قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية.
لكن صرح "باول" مؤخرًا بأن الفيدرالي لن يستخدم أدواته مطلقًا لدعم أو معارضة حزب سياسي أو شخصية أو نتيجة سياسية.
المصادر: أرقام – الإيكونومست – وول ستريت جورنال – سي إن بي سي – فاينانشال تايمز – ماركت ووتش